جيوس
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
جيوس

نلتقي لنرتقي
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 أيتام محمود درويش

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
ابو ليلى

ابو ليلى


المساهمات : 80
تاريخ التسجيل : 02/09/2008
العمر : 39

أيتام محمود درويش Empty
مُساهمةموضوع: أيتام محمود درويش   أيتام محمود درويش Icon_minitimeالسبت سبتمبر 06, 2008 6:31 am

من الأسس المتفقة بين البشر أن قيمة المرء تنحصر في حياته بما يقدمه فيها من خير خَدم به الإنسانية جمعاء ، أو أفراد الشعب في الدولة التي يسكنها ، أو القبيلة التي ينتمي إليها ، أو الوطن الذي يعيش فيه ، وأما بعد مماته فيُقَوِّم الناسُ جميع أعماله ، وما قدمت يداه من خير أو شر ، فتُصْدِر فيها حكم القاضي عدلاً وإنصافا .
وقلما يخطئ مثل هذا الحكم ، حين يكون بناؤه على الأدلة الملموسة والشواهد المنظورة والبراهين القائمة .
وحين ننظر إلى محمود درويش من هذه الزاوية وما خلفه من الأعمال من الشعر النثري ( النبطي ) أو النثر المبسوط تبرز لنا الحقائق التالية :
1 / ولد محمود درويش عام 1941م قبل نكبة فلسطين عام 1947م ، وأتم تعليمه الابتدائي والثانوي في ظل النكبة والاحتلال ، وشعر بما يشعر به كل شاب صَادر اليهودُ ممتلكاته ، واحتلوا أرضه ، وشردوا أسرته ....... ، فقد ابتلع المحتل نصف فلسطين ، ويرى العالم كل ذلك و يبارك له مثل هذه الخطوات ، ويقدم التهاني إلى الشعب اليهودي لعودته إلى أرض فلسطين .
2/ المسلمون في أضعف أحوالهم ، أصبحت دولة الخلافة الإسلامية أثراً بعد عين ، خرجت لتوها من الحرب العالمية الثانية ، بعد أن قُطِعَتْ كلُ أطرافها من البلاد الإسلامية الممتدة ، وأصبحت محصورة في الجزء الضيق من الأرض ، أو بما يسمى الجمهورية التركية بعد إلغاء الخلافة من قبل أتاتورك .
3/ النصارى وقد حَوَاهم اليهود ، وغرسوا في نفوسهم أنهم الأتباع ، لأن الأناجيل تأمرهم باحترام التوراة والإقتداء بها ، وأن الديانة اليهودية هي الأساس لديانتهم .
4/ أما اليهود فهم القوة الاقتصادية المسيطرة على العالم كله ، ولاسيما على أميركا ، القوة الفتية الناشئة ، وقد تمكنت من تفجير الذرة ، وإلقاء قنبلتين ذريتين على المدن اليابانية .
ففي مثل هذا الجو الذي يقود إلى اليأس شب الفتى محمود درويش وبلغ العشرين من عمره ، وقد نال شهادته الثانوية ، ويرى أمام عينيه مظالم دولة اليهود من قتل وتشريد ومصادرة للممتلكات الفلسطينية دون نكير ، فجال ببصره بحثاً عن طريق الخلاص له ولشعبه ، من المظالم المتراكمة التي تزداد يوماً بعد آخر .
فوقع بصره على الشعارات البراقة : من نصرة المظلوم ، وإعادة الحق إلى أصحابه ، ومنع القتل ، واغتصاب الأرض ، والتهجير بالقوة .... ، ويتمثل كل ذلك في النظام الشيوعي السوفيتي فانبهر به ، وازداد يقينا حين سافر إليها لإتمام دراسته في ذلك البلد الملحد .
والمعروف من تاريخ اليهود أنهم يلعبون على كل الحبال ، فإن كانوا هم المنشئون للنظام الرأسمالي الغربي ـ الماص لثروات العالم ـ على يد آدم سميث فإنهم المؤسسون للنظام الشيوعي الإباحي ـ المبتلع للدول الإسلامية الواقعة في جنوبه ـ على يد كارل ماركس اليهودي وصديقه إنجلز .
فَتَوَهَّم الفتى أن الخلاص من الاحتلال وتوابعه هو الانضمام إلى الحزب الشيوعي الإسرائيلي ، فانضم إليه في مقتبل شبابه ، فعمل محرراً ومترجما لصحيفته ( الإتحاد ) ومجلته ( الجديد ) التابعين للحزب .
وازداد الفتى تمسكا بالمبادئ الشيوعية حين ضُيق عليه من قبل الدولة السامرية بين عامي 1961م ـ 1971م وقدمت إليه الدولة السوفيتية منحة دراسية لإكمال دراسته عام 1972م في موسكو ، وأحكم السوفيت شباكهم حوله بمنحه وِسَامَين من أعظم أوسمة الإتحاد السوفيتي أثناء وجوده فيه .
تلك هي فترة تيه الفتى وضلاله ، وقد تبنته اليهودية العالمية دون شعور منه ، ووجهته الوجهة التي تخدم مصالحها الخفية العظمى ، وأبرزته في صورة مناضل يقاوم الاحتلال ، ويحث الشعب على الثورة والنضال ضد الغاصب والمحتل .
بينما هي التي أنشأت الحزب الشيوعي الإسرائيلي ، وسهلت انضمام محمود إليه ، كما قدمت له المنحة الدراسية ليزداد ترسخا بالمبادئ الشيوعية الملحدة التي تزيل المقاومة إلى الأبد وتعطي الشرعية التامة لبقاء اليهود في أرض فلسطين .
أبرزت اليهودية العالمية أمام محمود درويش أن الاحتلال ناشئ عن الضعف ، وأن الضعف منبعه التمسك بالموروث القديم ، والنظريات البالية ، والإيمان بغيبيات لا وجود لها على أرض الواقع ، وأن معتقدات العجائز هي مكمن الضعف ، وأن الخلاص من كل ذلك هو منبع القوة لاسترداد الحقوق ، وطرد الاحتلال وهذا ما تدعو إليه الشيوعية ، إذ ينص دستور الاتحاد السوفيتي { لا إله والحياة مادة } كما ينص على نفي الغيبيات بقوله { أرحام تدفع وأرض تبلع } فلا حساب ولا جنة ولا نار .
فأخذ محمود درويش :
1/ يهدم كل قديم ، مهما كانت مكانته لدى الفلسطينيين وغيرهم من المسلمين ، تحقيقاً لمبدأ التلمود ( يجب علينا أن ننزع فكرة الله ذاتها من عقول الأمميين ـ الأممي من ليس يهودياً ـ ، وأن نضع مكانها عمليات حسابية وضرورات مادية )
فانقض محمود درويش على هدم كل موروث لأمة التوحيد ، بغض النظر عن حقيقته الكونية ، أو قيمته الاجتماعية ، أو مكانته الأسرية ، أو صلته بالغيبيات الثابتة الحقة ...........
2/ يقدم البديل لكل ما هدمه ، وذلك بتوسيع معاني المصطلحات الإسلامية ، وإلباسها أثوابا لم تنزل من أجلها ، باسم التجديد في الفكر الديني .
ويطلق أيتام محمود درويش على الجانبين مصطلح ( الرموز) وأن الرجل ادخل الرمزية في الشعر المعاصر .
وعند إمعان النظر في الجانب الأول نجد محمود درويش يسخر بالإله وبوجوده ، وأنه نائم لا يدري عما يجري في العالم ، رغم أنه يقال عنه إنه شرطي العالم وجَلادُه ، وإنه قديم بالٍ لا مكان له في الوجود ، وإنه يتعرى ويعشق ، وإن مريم زوجه ، وإن عيسى ابنه .
يستهزئ بقضاء الله وقدره ، ويسخر بدعاء أبيه لربه ، وبالصلاة إليه ، والصوم من أجله ، وأن الشهادة في سبيله ضرب من الوهم والخيال ، وإن كثرة أسمائه تقود إلى الجدب والقحط .
لا يُخْفِي محمود استهزاءه بالنبوة والأنبياء ، فيرميهم بكل نقيصة ، وإن وجودهم يشبه الأساطير ، وإن مكانتهم الاجتماعية لا تتعدي جسده وحذاءه ، وإن الشعر بمثابة كلام النبي ، وإن الشعراء هم الأنبياء ، وإن هذا الباب غير مغلق ، وإن الشعراء ينجبون الأنبياء .
وسخرية الرجل بالقرآن أمر غير منكر ، وأنه سبب النكبات والتخلف ، وإن الإسلام الذي جاء به القرآن قد أكل عليه الدهر وشرب ، فلا مكان له في دنيا الحياة ، لذلك تجده يكثر من نقد هذا الجانب ، ويرمز إليه بالرَمْل والمرايا والنخل ، وتلك هديته لأيتامه ليتبعوه في هدم أساس الموروث .
وفي جانب تقديم البديل ، وسد الثغرات التي أحدثها بالهدم ، تجد الرجل يوسع المفاهيم الشرعية ، ويعطيها مفاهيم لم تنزل من اجلها ، فالصلاة والصوم لا تختصان بالله ، بل يعطي أباه حق الصلاة والصوم لابنته ، لأن الإنسان مع هذا التقدم المطرد أصبح إلهاً ، فمن حقه أن يحل محل الإله الذي لا يُرى ولا ينزل ليدافع عن المظلومين .
ويوسع مفهوم العبادة فيبيح عبادة الأرض ، وعبادة الإنسان وعبادة المعشوقة ، ويصل به التوسع في المفاهيم والغايات إلى حد الإسفاف بالإنسان ، وإن خلقه غلطة ، وفي غفلة من الزمن .
ومقابل هدم الموروث الإسلامي ، وتقديم البديل المناقض للإسلام ، تجد محمود درويش يمدح الصليب ، وإن حب الوطن جاءه من أخشابه ، وإن عيسى صلب ، وإن الصلب مصدر هدايته ونوره .
وأما حبه لليهود فيظهر ذلك جلياً ، إذ لا تجد له عشيقة سوى ( ريتا )اليهودية ، فكم قصيدة أنشدها من أجلها ، وكم آلاماً قاصا للالتقاء بها ، وكم تمنى وجودها في كل لقمة يرفعها إلى فيه ، وفي كل شَربة يرفعها إلى فمه .
تلك هي الحقائق التي يصل إليها كل من يقرأ كلام محمود درويش ، ويدرس الظروف التي عاش فيها ، فلا يستطيع أحد إنكارها ، ودواوينه النبطية وكتبه النثرية شاهدة على كل ما أشرت إليه ، فليتق الله أيتامه ، وليعودوا إلى رشدهم ، فإن الحكمة ضالة المؤمن متى وجدها أخذها ، ومن ضل الطريق صباحا واهتدى إليه ليلاً لا يُعَدُّ تائها .
اللهم أهد ضال المسلمين ، وبصره بدينك إنك قوي عزيز .

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
أيتام محمود درويش
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
جيوس :: المنتديات العامة :: المنتدى العام-
انتقل الى: